إسهامات

الحرية والطبيعة دستوران مقدسان لحياة الإنسان على وجه المعمورة لحكمة وضعها يد الباري جل جلاله، يكفلان له السعادة والسلام ما لم يأخذهما بالتزوير والتشويه والتنسيق والتمويه هنالك يفقدان سحر جمالهما وسر معانيهما فيصبحان مصدر بلاء الإنسان ومشاكله المعقدة ومبعث المسخ في خلافته لله في الأرض.

تكاد تكون الحياة في وادي مزاب إلى العهد القريب مستحيلة، فالمزابي يتجشم مشاق فوق طاقة البشر لاستثمار تلك الأرض الجرداء وتكوين الحياة فيها؛ وناهيك أنه كان قبل حفر الآبار الارتوازية بها لا يحرز الإنسان على قطرة ماء إلا إذا حفر بئرا...

تعد الآبار في منطقة وادي مزاب مكسبا حضاريا مهمًّا خلفه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى نتيجة تظافر الجهود جيلا بعد جيل، فهي مصدر إلهام وتحفيز على مواصلة تحدي الصعاب لتذليل الصحراء بتحويلها إلى واحات غناء من البساتين والحقول.

إن المحافظة على الآبار جزء من المحافظة على النظام التقليدي لتقسيم المياه الذي يجدد التربة ويسقي الواحات التي تعتبر أهم المساحات الخضراء في الصحراء، فهي الرئة التي تتنفس منها المدن بقصورها العتيقة وتوسعاها الجديدة.

تتواجد الآبار بكثرة داخل واحات النخيل وعلى طول مجرى وادي مزاب، وكذلك على مستوى الروافد التي تصب فيه، كما تجدر الإشارة إلى أن كل قصور وادي مزاب تضم خلف أسوارها العديد من الآبار.

والرابط المشترك بين الآبار في الواحات ونظيراتها المتواجدة على مستوى القصور هو أنه يتم بواسطتها استخراج المياه من الطبقات الجوفية...

في سنة 1905م بلغ العدد الإجمالي للآبار في وادي مزاب حوالي 3169 بئر، أما بالنسبة لقصر غرداية وواحاتها فقد بلغ عدد الآبار حوالي 1741 بئر، ولكن حاليا لا تتوفر إحصائيات دقيقة للآبار، نظرا لما تعانيه من الإهمال واختفاء الكثير منها بسبب التوسع العمراني على حساب المعالم الأثرية ..

المصدر: كتاب مزاب بلد المعجزات، صالح بن داود بافولولو، ص 46، 47.

شاركنا بتعليقك