إسهامات

تمثل الشجرة التي نهى الله آدم وحواء الأكل منها؛ جميع المنهيات للبشر، في المأكولات كلحم الخنزير مثلا، والمشروبات كالخمر ومشتقاته، واللباس، والمعاملات.. إلخ

فالله تعالى حين حرم الأكل من الشجرة على آدم وزوجه، لم يكن بإمكان آدم الاستفسار أو الاعتراض على كلام رب البرية -سبحانه وتعالى- لأنه يعلم علم اليقين أن الله الخالق الذي حرمها عليه، لا يحرّمها إلا لحكمة بالغة، فهو الخالق الذي يحب عباده ويكرمهم، لا يعقل بتاتا التفكير بوجود حكمة ضارة من وراء ذلك التحريم.

أما ما شوّش على آدم إيمانه واعتقاده كان من إبليس اللعين، حين أغراه بالخلود في الجنّة وملك لا يبلى بعد أكله من الشجرة!

إنما كان هذا المشهد في القرآن الكريم، حتى يبيّن الله تعالى لنا نحن البشر، مقدر الغفلة التي يقع فيها الإنسان وسهوه ونسيانه ومقدار ضعفه للوساوس التي يتعرض لها من الشيطان، ثم يطيعه، وهو يعلم يقينا، أنه حاد عن الصواب وانحرف عنه، كل هذا باستجابة الإنسان للشيطان وكيده وإغواءه!

فلا نحتار إذن ولا نجزع من أبينا آدم حين عصى ربه وأكل من الشجرة، ثم حرمنا من السكن في الجنة، ما دمنا نسهو ونخطئ ونعمل الموبقات والمعاصي، بعد علمنا ويقيننا بحرمتها من الله عزوجل.

نحاول سرد بعض المعاصي التي حرمها الله تعالى للبشر، ووسوسة الشيطان للإغواء:

الغيبة والنميمة: شرع الله الكلام وأباحه، ثم حرم الكلام في أعراض الناس لمقاصد كثيرة، لكن الشيطان يوسوس فيُظهٍر له، وكأن كل الكلام يتلخّص إلا في ذلك الممنوع!

الأكل والشرب: أباح الله كل أنواع الطيبات بأنواع وأذواق ونكهات مختلفا ألوانها، لا تعدّ ولا تحصى، ثم حرّم الميتة ولحم الخنزير والخمر، ليأتي الشيطان ويوسوس لبني آدم بقوله: إنّما هذه الممنوعات هي التي تحمل الذوق الرفيع والمتعة العالية وغيرها من الإغواءات.

المعاملات: كل المعاملات المالية مباحة إلا الرّبا، الشيطان يعمي البصائر فيظهر لبني آدم إلا الجانب البرّاق من تلك المعاملات حتى يوقعهم في معصية الخالق، لا غير.

العلاقات الإنسانية: شرع الله الزواج بتسهيلات وضوابط مهمة جدا، لكن الشيطان يزين للبشر إلا المعاملات الشاذة والفاسدة والضارة والمهلكة، بأسلوب جذاب ومنمق براق، حتى يحشد معه أكبر عدد من أمثاله.

الخلاصة مما سبق؛ نجده كافيا شافيا في قوله سبحانه وتعالى.

قال الله تعالى: ﴿.. لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ  قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ الأعراف: 16-18.

وهذا نصّ الآيات الكريمة التي ذكرها الله تعالى عن آدم وحواء ووسوسة الشيطان لهما، ثم توبتهما – آدم وزوجه- والاستغفار والعودة إلى الله تعالى، فالحمد لله الذي أعطى لنا الداء والدواء إلا من أبى:

﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ♦ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِين ♦ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ♦ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ  قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ الأعراف: 19-23.

شاركنا بتعليقك