إسهامات

سبب عناية المزابيين بالبئر والتمر:

تعتبر الغابة في واحات واد مزاب مصدر عيش ورزق الإنسان المزابي منذ القديم حيث كان المزابي يعيش ويعمل في الزراعة خاصة إنتاج التمر وبعض المحاصيل المعاشية الأخرى. لكن الاعتماد الكبير كان على التمر بمختلف أنواعه وهذا نظرا للفوائد العظيمة التي يحتويها وقد قال رسول الله " بيت لا تمر فيه جياع أهله " لهذا ركز الأجداد في زراعتهم على غرس النخيل من أجل توفير هذا المنتوج الأساسي والحيوي خاصة في المناطق الصحراوية.

وتتواجد الواحات عموما بالمناطق التي تتوفر على المياه الجوفية حيث تحفر الآبار لعشرات الأمتار ثم تبنى له حواف من المواد المحلية ويركب لها بكرة كبيرة لاستخراج الماء بواسطة حيوان إما جمل أو حمار وهذه العملية تسمى (أَجْبَادْ) أي استخراج الماء من البئر وتتجمع المياه بعد خروجها من خلال الدلو في حوض صغير بجانب البئر يسمى (أَسَفِّي) ثم تتوجه إلى حوض كبير يسمى ( المـَجَّلْ) ثم توجه للسقي (أَسَسْوِي) و هذه العملية التقليدية الشاقة كان الأجداد يمارسونها يوميا من أجل توفير مياه الشرب أو لسقي النخيل والمحاصيل المختلفة، ويمكن تقدير عمق البئر قياسا على طريق جمل النزح (أَغْلَادْ أُولَمْ)، وإذا تراكمت الرمال والأوحال في قاع البئر الصالحة للشرب يقوم الغطاسون بتنظيفها ضمن عملية صعبة حيث ينزل الغطاسون إلى أسفلها محملون بالقفف يربطونها بأحزمتهم قصد نزع الحمأ عنها لتكون صالحة للشرب.

ويعمل ذلك المزابيون ليس لغرض دنيوي فقط فهم ينظرون إلى عمل حفر الآبار من الجانب الأخروي أي من يشرب منها أو يسقي منها يكون له في ذلك أجر يتقرب به إلى الله أو أنها عمل ينتفع به أو صدقة جارية.

حتى الفلاحة جعلوا لها عرفا..

سكان سهل مزاب أقاموا الحريم في مختلف المجالات يقتسمون الحقوق والواجبات بينهم بمنتهى النزاهة فيما قل منها أو كثر. فللسكن والتشييد أعراف وقوانين كما في الفلاحة والري.

وبما أن الأمن الغذائي لا يتأتى إلا عن طريق توفر الأراضي ومدى خصوبتها واستغلالها فقد عمل سكان سهل وادي مزاب على:

  • اختيار موقع بناء القصور بل حتى أراضي المقابر بعيدا عن مجرى الوادي والأراضي الصالحة لزراعة.
  • إنشاء هياكل لري لاستغلال أقصى مساحة من الأراضي الفلاحية.

بما أن زراعة النخيل هي المورد الأساسي للغذاء في المنطقة عمل سكان سهل وادي مزاب على:

  • التنوع البيولوجي لمحاربة الأمراض المتنقلة.
  • الزراعة على ثلاثة مستويات من نخيل وأشجار وخضر للتقليل من عامل التبخر والحفاظ على ثروة المياه.
  • استعمال "الزرب" لحماية النخيل من الرياح القوية والرملية.
  • اختيار الأزمنة المناسبة في السقي والتلقيح وجني التمور حسب الفصول ومتطلبات النشاط النباتي.
  • احترام المسافة اللازمة بين النخيل لتوفير الحرارة اللازمة لنضج التمور من جهة ولضمان الرطوبة لسقي جذور النخيل حسب امتدادها من جهة ثانية.

-بتصرف-

المصادر: - كتاب الحضارة العمرانية في وادي ميزاب. إبراهيم بن موسى حريزي. ص52-53.

شاركنا بتعليقك