إسهامات

إن مدارس الغد تُبنى اليوم، وهي تلك المدارس التي يتمتع فيها جميع المعلمين بالكفاءات والدوافع المطلوبة، حيث تمكّنهم النُظم المعقولة من تقديم تعليم جيد، وحيث يتعلم جميع الطلاب المهارات الأساسية، بما في ذلك المهارات الاجتماعية والعاطفية، وأيضًا المهارات الرقمية والحياتية، وهذه المدارس آمنة ومصروفاتها في متناول الجميع، وهي أماكن يتعلم فيها الأطفال والشباب وهم يشعرون بالابتهاج، ويتسمون بالالتزام، ولديهم غاية يسعون لتحقيقها.

وحتى يحقّق الجو المدرسي ما هو مرجو منه تدعيماً للصحة النفسية للطلاب، وتخفيفاً للضغوط النفسية؛ جراء الاشكالات التي تُعاني منها المدرسة الحديثة، وسبب نفور أبنائنا منها، وسعيا لتلبية حاجاتهم، وتقديم المساعدة لهم في حل مشكلاتهم، والعمل على تنمية قدراتهم واستغلال طاقاتهم، ينبغي أن يتوفّر في هذا الجو المدرسي مجموعة من الخصائص منها:

1. أن تسوده الحرية في الخيار، بحيث يشجّع الطلبة والمعلمين على التعبير عن آرائهم وأفكارهم، ويشرّكهم في اتخاذ القرارات التي تحكم النظام والانضباط المدرسي، فقد لوحظ أن إشراك الطلاب في وضع أنظمة وتعليمات الانضباط المدرسي، تجعلهم أكثر تقبلا لهذه التعليمات وتقيدا بها عما لو فرضت عليهم دون أن يكون لهم رأي في صلاحياتها، هذا إضافة إلى ما يتعلمه الطلاب من هذه الممارسات من مبادئ الديمقراطية التي يمارسونها فعلاً بدل أن يسمعوا بها قولا، ومما تعنيه حرية الخيار  والرأي؛ احترام الرأي الآخر وتقبله ومناقشة القضايا بعقل مُنتج وبأسلوب عقلاني، فكل ذلك يتعلمه الطالب ويطبّقه، ومن ثم يعمّمه على المواقف الحياتية الأخرى، وبهذا يكون الجو المدرسي قد أسهم في بناء شخصية الطالب أو توسيع أفقه وتعليمه للحوار العقلاني والمرونة في اتخاذ المواقف، وكلها خصائص إيجابية تسهم في تكيّف الفرد وفي سعادته ونجاحه مستقبلًا.

2. الجو الذي يسودُه روح العدالة والمساواة بين الطلبة في المعاملة وفي الحقوق والواجبات، فالأنظمة والتعليمات تطبّق على الجميع، والتقييم يتم تبعاً لنفس المعايير لجميع الطلبة، إن مثل هذا الجو يعطي الطالب شعوراً بالرضا والارتياح، وهذا ينعكس بدوره على دافعيته للتحصيل والإنجاز ويحسّن مفهومه عن ذاته فيشعر أن قدراته وجهده هما اللذان يقيّمان، لا مركز أبيه الاجتماعي أو المادي.

3. الجو الذي تسوده روح المحبة والودّ والتعاطف بين الطلبة أنفسهم، وبينهم وبين معلميهم وإدارة المدرسة، وبين إدارة المدرسة والمعلمين، بحيث يشعر الجميع بأنهم أسرة واحدة لها أهداف مشتركة تتمثّل في خدمة الطلبة وتوفير أفضل الظروف التي تمكنّهم من النمو والتعلّم، وتمكّن من العمل في جو مريح يشجّع التعاون ويدفع المعلّم إلى العطاء والإخلاص في العمل، بعيداً عن التناحر والتنافر والبغضاء، يضفي جو الحبّ والمودة على الحياة المدرسية والسعادة والرضا بالنسبة للطالب.

4. الجو الذي يساعد الطالب على استغلال قدراته وإمكاناته إلى أقصى درجة ممكنة، ويمكّنه من الوصول في تعلّمه إلى أفضل وضع تسمح به قدراته وإمكاناته.

5. توفير فرص التعلّم المتنوعة للطلبة، وتزويدهم بالمهارات اللازمة للنجاح في الحياة، ومساعدتهم في فهم أنفسهم ومعرفة جوانب القوّة والضعف عند كلٍّ منهم وحل مشكلاتهم وغير ذلك من الأمور التي تساهم في تدعيم الصحة النفسية للطالب، وتساعده في التكيّف السوي مع المواقف المختلفة.

-بتصرف-

المصادر:

       - موقع البنك الدولي

       - موقع التعبئة التربوية

شاركنا بتعليقك