إسهامات

الدنيا مزرعة الآخرة فمن خلال المعيشة في هذه الدنيا للأبد للمسلم أن يتزود بزاد التقوى ويستغل جميع الأوقات في الطاعة وعندما يرحل من هذه الدنيا الفانية يكون معه عمل صالح ينفعه في آخرته.

إن كل إنسان يتمنى أن يكون من سكان الجنان، خالدا مخلدا في النعيم، ورضوان الرب الكريم تحفه عناية العزيز الرحيم، النبيون والمرسلون جيرانه، والشهداء والصالحون واخوانه وخلانه، تتلقاه الملائكة بالحفاوة والتكريم، وتطوف عليه بكرة وعشية بالزيارة والتسليم قال تعالى: ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ الرعد: 24، 25 ولكن يا ترى ماذا تضم هذه الجنان بين جدرانها من النعيم؟ الذي أعدّه الله تعالى للطائعين من المؤمنين:

1. عظيم قدر نعيم الجنة:

يقول الرسول ﷺ: "لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها" فالموضع الذي يضع أحدنا سوطه أي عصاه في هذه الجنة، هو خير من هذه الأرض وما فيها من أنواع الثروات المختلفة.

2. سعة الجنة الذي لا يتصور:

يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ آل عمران: 133 تلكم هي سعتها وأبعادها، قد ندرك بعقولنا القاصرة عرض الأرض بما فيها من اليابسة والبحار والمحيطات، ولكن أنى لنا بتصور أبعاد السماوات، وما أكتشف العلم الحديث من أبعادها إلا القليل وما أكتشف يدعو إلى العجب ويفوق قدرة التخيل لدى البشر، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن سعة هذه الجنة في قوله: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ. من الذي يستطيع أن يقدر عرض السموات والأرض؟ ومن الذي يمكنه أن يقيس أبعاد سماء واحدة من هذه السموات؟ أن ذلك أمر مستحيل بالنسبة إلى قدرات الخلق، فعظم الجنة شيء لا يعرفه إلا الله سبحانه وتعالى وحده، فهذه الجنة لا يمكن لأحد أن يقدر قدرها، وأن يعرف أبعادها وأن يحيط بحدودها.

3. الأشجار والأنهار والعيون:

لم يتكرر وصفٌ من أوصاف الجنة كما تكرر وصف ﴿جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ البقرة: 25 ستا وثلاثين مرة والجنات جمع جنة وهي الحديقة ذات الشجر الملتف بعضه على بعض وجريان الأنهار من تحتها هو أنسيابها تحت تلك الأشجار الباسقة الزاهية، وتدفقها تحت قصورها البهية العالية يمكنك أخي المسلم أن تتخيل تلك الصورة البديعة والمشهد الرائع الخلاب، والرونق الجذاب مشهد الأرض المكتظة بالشجر الذي يلتف بعضه على بعض، ومع ذلك تنساب المياه تحت الأشجار صافية رقراقة.

4. مساكن الجنان:

لقد وصف الله عز وجل مساكن المؤمنين في دار الخلد وصفا عاما في قوله: ﴿وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ التوبة: 72 ووصف بعض الآيات المساكن بالغرف نحو قوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ سبأ: 37 إنها القصور البهية الشامخة، ناهيك عن حسنها وجمالها وسعتها إنها غرف من فوقها غرف، وتمن يا عبدالله ما شئت من الغرف تعط ما تشاء من تلك القصور التي لم تشيد بالإسمنت والحجارة، إنها من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد فقد جاء في الحديث موضحا قوله تعالى: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ الرحمن: 72 بأن الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلاً، في كل زاوية منها للمؤمنين أهل لا يراهم الآخرون وإذا كانت هذه خيام الجنة فما بالك بالقصور المؤثثة بأفخر الأثاث وأروعه. والفراش والأثاث تختلف دار النعيم المقيم كليا في أثاثها وما يحتاج إليه أهل تلك الدار بالطبع هل هم بحاجة إلى أدوات الطبخ والتبريد؟ كلا وألف كلا كل شيء يأتيهم إلى فرشهم وتدنو لهم الثمار فأي نعيم ونعيم هناك؟ يقول سبحانه وتعالى عن فرشهم: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ الرحمن: 54، ويقول: ﴿عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ الواقعة: 15، إنها فرش الديباج الناعم، والوسائد والطنافس الحسان. قال تعالى فِيهَا: ﴿سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ الغاشية: 13-16.

5. الطعام والشراب:

يشير القرآن إلى بعض الأصناف من الطعام والشراب والغالب على أسماء تلك الأصناف أنها مما يألفه الناس في حياتهم الدنيا ويطربون له ويحرصون عليه على أنواعها وأشكالها وألوانها وطعومها لا يحيط بها إلا الله وحده فما أشار إليه القرآن من طعام أهل الجنة.

6. الحور العين وأوصافها:

لقد أفاض القرآن الكريم في ذكر أوصاف الحور العين وهن نساء أهل الجنة والحور في العين في سعتها وقيل شدة بياض بياضها وسواد سوادها ويصدق وصف الحور العين على جميع النساء الجنة من الصالحات المؤمنات واللاتي أنشاهن الله تعالى أنشاء ليحصل الأنس بين الأزواج ويتم الاستمتاع ويكمل النعيم ومن صفات نساء الجنة كما يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ الصافات: 48، 49 وقوله تعالى: ﴿وَحُور عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ الواقعة: 22، 23.

-بتصرف-

المصدر: موقع يومية الوطن

شاركنا بتعليقك