إسهامات

لعلك تدرك بالبديهة أن طريقة التفكير من منظور شامل نافعة، وقليلون هم من يبتغون أن يكونوا من منغلقي الفكر، فلا أحد يسعى لأن يكون كذلك، لكن إن كنت غير مقتنع تماما بالتفكير من منظور شامل، فضع في اعتبارك عدة أسباب بعينها ستعرف من خلالها لماذا ينبغي لك أن تفكر في الأمور من منظرو شامل:

التفكير من منظور شامل يبقي الهدف نصب عينيك:

قال توماس فولر، ملك إنجلترا: " من يركض وراء أرنبين لا يدرك أيا منهما "، كي تنجز شيئا، لا بد أن تركز، لكن كي تنجز الشيء الصحيح، فلا بد أن تأخذ بعين الاعتبار الصورة الشاملة للموضوع، عندما تفكر في أنشطتك اليومية في ضوء الصورة الشاملة، عندئذ فقط ستتمكن من أن تبقي الهدف نصب عينيك. وكما قال آلفين توفلر: " يجب عليك أن تضع في اعتبارك الأشياء الكبيرة أثناء قيامك بالأشياء الصغيرة، حتى تسير كل الأشياء الصغيرة في المسار الصحيح ".

التفكير من منظور شامل يمكنك من أن ترى ما يراه الآخرون:

القدرة على رؤية الأشياء من وجهة نظر الآخر هي واحدة من أهم المهارات التي يمكنك أن تنميها من أجل الحفاظ على العلاقات الإنسانية، وهو ما يعد أحد مقومات التعامل مع الآخرين، وإرضاءهم، والحفاظ على الزواج، وتربية الأطفال، ومساعدة الفقراء، وما إلى ذلك، يمكن توطيد جميع التفاعلات الإنسانية عن طريق القدرة على أن يضع الإنسان نفسه مكان الآخر، كيف؟ لا تصب تركيزك على نفسك واهتماماتك وعالمك الخاص، بل انظر إلى ما هو أبعد منك، عندما تعمل على دراسة قضية ما من جميع الزوايا الممكنة، اختبرها في ضوء تاريخ حياة الآخر، واكتشف اهتمامات الآخرين ومخاوفهم، وحاول أن تنحي مصالحك الشخصية جانيا، عندئذ ستبدأ في رؤية ما يراه الآخرون، وهذا شيء عظيم

التفكير من منظور شامل يعزز العمل الجماعي:

إذا كنت تشارك في أي شكل من أشكال الأنشطة الجماعية، فستدرك إذن مدى أهمية أن يرى أعضاء الفريق الصورة الكاملة، وليس دورهم فحسب، في أي وقت من الأوقات لا يدرك فيه الفرد كيف أن دوره يتناغم مع باقي أدوار زملائه في الفريق، يصير الفريق بأسره في محنة، فكلما تمكن أعضاء الفريق من الإلمام بالصورة الشاملة، زادت إمكانية العمل معا بنجاح كفريق واحد،

التفكير من منظور شامل يجنبك الوقوع فريسة للأمور التافهة المملة:

لنقل صراحة إن بعض مظاهر الحياة اليومية تعد غاية في الضرورة لكنها مثيرة للضجر إلى حد بعيد، لكن أصحاب النظرة الشاملة لا يدعون آفة الملل تطولهم، لأنهم لا يفقدون رؤيتهم للصورة العامة المهمة، وهم يدركون أن من يغفل عن الهدف الأسمى يصبح أسيرا للأمور الفورية العاجلة

التفكير من منظور شامل يساعدك على إدراك أشياء لم يتطرق إليها أحد من قبل:

هل سمعت من قبل عبارة: " لا تعبر الجسر قبل بلوغ الجسر " قطعا صاغ هذه العبارة شخص يعاني مشكلة في رؤية الصورة الكاملة، لقد قام العالم على أكتاف أناس عبروا الجسور الفكرية قبل أي أحد آخر بوقت طويل إن السبيل الوحيد إلى الريادة واكتشاف أمور جديدة هو أن ترى الصورة الشاملة، وألا تنظر تحت قدميك.

كيف تكتسب مهارة التفكير من منظور شامل:

إذا كنت ترغب في أن تغتنم فرصا جديدة وتفتح آفاقا جديدة، فلا بد عندئذ أن تضيف إلى قدراتك مهارة التفكير من منظور شامل، فلكي تصبح مفكرا بارعا يجيد رؤية الصورة الشاملة للموقف، ضع في اعتبارك الاقتراحات التالية:

لا تستمت من أجل الوصول إلى اليقين:

لا يجد أصحاب النظرة الشاملة غضاضة في الغموض، ولا يحاولون أن يقحموا كل ملحوظة أو معلومة في قوالب ذهنية مصاغة مسبقا، فهم يفكرون من منظور واسع شامل وبمقدورهم تقليب العديد من الأفكار التي تبدو متناقضة في أذهانهم في الوقت نفسه، إذا كنت تريد أن تصقل قدرتك على التفكير من منظور شامل، فلا بد أن تألف اعتناق أفكار معقدة ومختلفة وتتعامل معها.

تعلم من جميع الخبرات:

أصحاب التفكير من منظور شامل يوسعون نظرتهم العامة عن طريق بذل جهود مضنية للتعلم من جميع الخبرات، فهم لا يكتفون بالنجاح الذي أحرزوه، وإنما يتعلمون من هذا النجاح، والأهم من ذلك أنهم يتعلمون من فشلهم أيضا، والذي يمكنهم من هذا هو سعيهم الدؤوب نحو التعلم.

تساعدك الخبرات المتنوعة -الإيجابية منها والسلبية- على رؤية الصورة الشاملة للأمور، وكلما تنوعت الخبرات والنجاحات، زادت إمكانية التعلم منها، إذا كنت ترغب في أن تكتسب مهارة التفكير من منظور شامل، اخرج للحياة، وجرب الكثير من الأشياء، واغتنم الكثير من الفرص، واقض الوقت في التعلم بعد كل انتصار أو هزيمة.

اكتسب البصيرة من أناس مختلفين:

يتعلم أصحاب النظرة الشاملة من خبراتهم، بل ويتعلمون أيضا من خبرات غيرهم، وبعبارة أخرى، هم يتعلمون من خلال اكتساب بصيرة الآخرين؛ الأقران، والاصدقاء، المختص، والكبير.

إذا كنت تريد أن توسع مدارك وتبصر جوانب أخرى من الصورة الشاملة، فالتمس المساعدة من أهل المشورة، لكن كن حكيما فيمن تطلب النصح منهم؛ فاكتساب البصيرة من أفراد آخرين لا يعني أن توقف عشوائيا أي فرد يقابلك في الطرقات وفي متاجر البقالة وتسأله عن رأيه في موضوع ما، كن حذرا في اختيارك، تحدث مع أناس يعرفونك ويهتمون بأمرك أناس متمرسون في مجالهم ولديهم خبرة أعمق وأوسع من خبرتك.

امنح نفسك الفرصة لتوسيع آفاق عالمك:

إذا أردت أن تصبح من ذوي النظرة الشاملة، فعليك أن تفكر خارج الصندوق، بعيدا عن القوالب السهلة الجاهزة، وكي تعتنق طريقة التفكير من منظور شامل، فلا بد أن تسمح لنفسك بأن تسلك طريقا مختلفا لحل إشكالات، وأن تجرب أشياء جديدة، وأن تعثر على، عوالم وأفكار جديدة تغزوها، وعندما يتسع عالمك بالفعل، فلا بد أن تفتخر بذلك، ولا تنس أبدا أن العالم يحفل بالكثير من الخبرات التي لم تمر بها بعد.

داوم على التعلم، والنمو، والنظر إلى الأمور من منظور شامل إذا كنت ترغب في أن تصير مفكرا بارعا كفئاً، فهذا هو ما يجعلك مبدعا في أعمالك.

سؤال للتفكير: هل أفكر خارج نطاق نفسي وعالمي الخاص بحيث أعالج الأفكار من منظور شامل؟

المصدر: جون سي ماكسويل كيف يفكر الناجحون ص 24-30

شاركنا بتعليقك