إسهامات

اخترنا لكم اليوم ثلاثة قصص عن التواضع، اقرأوها واعتبروا بالمواقف الجميلة التي فيها:

عنصرية على الطائرة

حدثت هذه القصة على متن إحدى طائرات الخطوط الجوية البريطانية، انطلقت الطائرة من جنوب إفريقيا متجهة إلى لندن بانجلترا، وفي مقاعد الدرجة السياحية جلست سيدة بيضاء البشرة تبلغ من العمر حوالي خمسين عاماً، وقد تفاجئت هذه السيدة قبل انطلاق الطائرة بلحظات بجلوس رجلٍ أسود البشرة بجانبها، فأظهرت استيائها من هذا الأمر وبدت عليها علامات الضِيق بوضوح وبعد مرور عدة دقائق استدعت هذه السيدة المضيفة وقالت لها: كيف تجلسونني بجوار هذا الرجل الأسود البشع، أنا لا يمكنني أن أستمر في رحلتي بجانب هذا الشخص المقرف، وعليكم أن توفروا لي مقعداً بديلاً .. قالت هذه الكلمات بصوت مرتفع وبلا خجل ولا ذرة احترام للشخص الذي بجانبها.

فما كان من المضيفة إلا أن قالت لها بابتسامة باردة: اهدئي قليلاً يا سيدتي، إن كل المقاعد على الطائرة ممتلئة تقريباً، ولكني سوف أبحث عن مقعد خال على الفور، وهكذا غابت المضيفة لعدة دقائق ثم عادت قائلة: سيدتي، أنا لم أجد أي مقاعد خالية في الدرجة السياحية كما أخبرتك، ولكنني أبلغت الكابتن بشكواكي وقد أخبرني أنه لا توجد أي مقاعد شاغرة كذلك في درجة رجال الأعمال، ولكن يوجد مقعد واحد خال في الدرجة الأولى.

وقبل أن تتحدث السيدة البيضاء بأي شيء أو تجيب على كلام المضيفة، أكملت المضيفة حديثها قائلةً: ليس من المعتاد في شركتنا أن نسمح لراكب من الدرجة السياحية أن يجلس في مقاعد الدرجة الأولى، ولكن وفقاً لهذا الظرف الاستثنائي فإن الكابتن أخبرني أنه من غير اللائق تماماً أن نرغم أحداً على الجلوس بجوار شخص مقرف إلى هذا الحد البشع، ولذلك …. سكتت المضيفة للحظات ثم التفتت إلى الرجل الأسود وقالت له: أرجوك يا سيدي، هل يمكنك أن تأتي معي فهناك مقعد ينتظرك في الدرجة الأولى.

كان الركاب جميعاً يتابعون الموقف ويسمعون كلام المضيفة، وفي هذه اللحظات وقف الركاب مذهولون وصفقوا لها بحرارة على ردها الرائع وتصرفها المؤثر.


تواضع رسول الله ﷺ

كان رسول الله أكثر الناس تواضعاً ومن أجمل القصص في تواضع رسول الله أنه ذات يوم كان في سفر فأمر بذبح شاة، فقال رجل: يا رسول الله عليّ ذبحها وقال آخر: عليّ سلخها وقال رجل آخر: عليّ طبخها، فقال لهم رسولنا الكريم : عليّ جمع الحطب، فقالوا: نحن نكفيك يا رسول الله، أي نحن نفعل ذلك بدلاً عنك، فقال: أعلم أنكم تكفوني، ولكنني أكره أن أتميز عليكم، فإن الله يكره مِن عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه، وبالفعل قام رسول الله بجمع الحطب.

وكان إذا دخل منزلاً جلس في أدنى المجلس، وكان في بيته يُساعد أهله ويحلب شاته ويُرَقِع ثوبه وينظف نعله ويخدم نفسه، ويشتري بضاعته من السوق ويحملها بنفسه ويجلس مع الفقراء والمحتاجين والبسطاء من القوم وهو أعظم خلق الله .


درس رائع في التواضع

ذات يوم سافر هارون الرشيد إلى المدينة المنورة واتجه إلى المسجد النبوي الشريف، فقابل الإمام مالك رضي الله عنه وكان يُدَرِس العلم لمجموعة من تلاميذه، فقال هارون الرشيد للإمام مالك: يا مالك ما ضر لو جئتنا لتُدَرس العلم لنا فى بيتنا؟ فرد عليه قائلاً: يا هارون إن العلم لا يأتي إنما يُؤتي إليه!! فقال له: صدقت، سوف آتي إليك في المسجد لأنهل من علمك، فقال له الإمام مالك: ولكن إن جئت إلي متأخراً فلن أسمح لك بتخطي الناس في المسجد لتجلس في الصفوف الأولى، فقال له هارون: سمعاً وطاعة يا إمام.

وبعد صلاة العصر كان الإمام مالك رضي الله عنه جالساً في المسجد يلقي درساً بعد الصلاة، فدخل عليه هارون الرشيد ومعه رجاله، ووضعوا له كرسي حتى يجلس عليه، فنظر الإمام مالك إلى هارون ورآه جالساً على الكرسي فغيّر مجرى الحديث في الدرس قائلاً: قال رسول الله ﷺ: "من تواضع لله رفعه ومن تكبر وضعه الله" .. ففهم هارون وقتها المعنى الذي يقصده الإمام مالك وأنه هو المقصود بهذا القول وهذه النصيحة، فأمر رجاله أن يرفعوا الكرسي وجلس على الأرض مثله مثل باقي المسلمين.

شاركنا بتعليقك