من القيم الحضارية لمجتمعنا
يتميز المجتمع المزابي بعدة ميزات جميلة جعلته معروف لدى الكثير من المجتمعات في الجزائر وخارجها، لأنه يتصف بميزات جميلة وبسيطة وعريقة ونادرة في نفس الوقت، ومن بين هذه الميزات: الصرخت - أنعار - تويزة – أحباس.. وغيرها. كلها تدل على جمال أخلاقيات المجتمع لأنها تدل على التضامن والوقوف مع المحتاج مهما كانت طبيعة احتياجه.
مثلا عندنا في المجتمع النسوي " أَنْعَارْ" أو" أَجْرَاوْ نُوسُـﭭُّـونَتْ" حيث لما تقترب مناسبة ما كالعرس مثلا أو ادخار مؤونة لعدة شهور أو أرادت ربة المنزل فتل السميد بغية تحضير العولت من الكسكس وأن لا يتعرض للتعفن أو التلف، تقوم بدعوة بعضا من نساء متمكنات في مجال فتل الطعام من العائلة أو من الجيران.
وفي صباح يوم باكر يحضرن ويجتمعن حوله ليفتلن الكسكس وكلهن همة ونشاط وفرح وسعادة لا توصف، ويكون بترديد بعض الأهازيج المحلية والذكر والتسبيح.
طريقة فتل الكسكس" أُشُّو"
ويكون فتل الكسكس" أُشُّو" كما يلي:
لنتحصل على كسكس خشن متوسط أو رقيق علينا باتباع المراحل التالية:
1. بالنسبة للكسكس الرقيق أو المتوسط، نضع إناء فيه السميد المتوسط وإناء فيه السميد الرقيق بعد أن كنا مررناه في غربال خاص يسمى" بُوسِيَّارْ". ونحضر إناء فيه كمية من الماء وقليل من الملح.
في قصعة "تزيوا" نضع القليل من السميد المتوسط ثم نضيف له القليل من الماء المملح ونقوم بفتله بكلتا اليدين بأطراف الأصابع، بكل خفة ومهارة نحاول تكوير السميد المتوسط والرقيق معا كلما ينشف نزيد الماء والسميد مع الاستمرار بالفتل حتى نتحصل على المقياس المرجو من كل حبة ونقوم بتمريره في الغربال المتوسط يسمى بـ" بُوسِيَّارْ نْ لَفْرِيـﭫْ" ونعيد تمريره مرة ثانية في الغربال الرقيق" بُوسِيَّارْ نْ وُعْزَالْ" أو " بُوسِيَّارْ نْ يِوْزَانْ" بغية نزع الحبة الصغيرة تسمى بـ" أَمَشَّاسُو" لأنها لا تعطيه أي الكسكس منظر لائق وكذلك لكي لا يلتصق في الكسكس عند تفويره، وبذلك نتحصل على كسكس رقيق ومتوسط.
2. نقوم بنفس العملية إن أردنا فتل كسكس خشن مثل " أُوشُّو دْ يِسُوفَارْ" أو "تِمَرْدُودِينْ" فقط علينا أن نفتل بـ السميد الخشن ونعلفه بالسميد الرقيق وقليل من الماء ونقوم بتفويره في قدرة فيها ماء تحتوي على كسكاس" تَكْبُوشْتْ نْ ﭬُـونِي" لما يُفور نقلبه في إناء نعيد تمريره وهو ساخن في غربال خشن" بُوسِيَّارْ نْ يِمَنْدِي" وفي الأخير نفرش قطعة من قماش فوق فراش نظيف "سَاشُو" في مكان فيه تهوية نفرغ فيه كل الكسكس المفتول والمفور والمغربل نوزعه فوقه ونتركه لعدة أيام حتى يصبح ناشفا كليا.
وعندما ينشف ويجف نحضر كل أنواع الغرابل "بُوسِيَّارْ" الرقيق والمتوسط والخشن فنقوم بتمرير الكسكس المفتول المفور الذي قمنا بتهويته لعدة أيام لنتحصل على كل أنواع الكسكس الرقيق والمتوسط والخشن.
لما نستعد لتحضير الطعام بالكسكس "أُشُّو" علينا أن نفوره مرتين مع قلبه وإضافة القليل من الماء... كذلك لمن ليست لديها كسكس خشن أو متوسط فقط الرقيق تستطيع أن تفور السميد جيدا ثم تفتله لأن لو تفتل به مباشرة سيتحول إلى عجين" تِحُطوشِينْ" أو" تِمَضْلاَسْ".
وعندما يكون لدينا كمية وافرة من السميد نخشى أن يُتلف بمرور الوقت أو بحرارة الصيف لا بأس أن نقوم بتفويره لكي نتجنب تلفه.
الفوائد الاقتصادية لفتل الطعام في المنزل:
من فوائد فتل الكسكس في البيت الاقتصاد وضبط السيولة والقدرة الشرائية وتحسين نمط الاستهلاك.
فعند شراء كيس من السميد بسعر 1000 دج فيه 25 كغ. يكون سعر الكلغ الواحد منه بــ 40 دج، ينتج لنا قرابة 1.2 كلغ من الكسكس. فينتج قيمة الكيلوغرام الواحد من الكسكس المصنوع منزليا 35 دج. وبالتالي سنوفر 50 دج كأقل تقدير مقارنة بأرخس كسكس موجود في السوق. وفوق كل هذا نأكل غذاء تنتجه أيدينا يساهم في سعادة أسرنا.
هكذا كانت ولا تزال المرأة المزابية الأصيلة تتفنن في إعداد طبق الكسكس وتقوم به وحدها دون أن تنتظر من يصنعه لها. صورة تكاد لا تراها اليوم في زمن استجلاب الغذاء جاهزا، حتى الأطعمة التقليدية أصبح الناس يشترونها جاهزة،) كَرْنَاشَا - تِمَرْدُودِينْ – إِسُوفَارْ).
لا ينبغي أن تسلب لنا الحضارة قيمنا وتقاليدنا، بل نأخذ منها ما ينفعنا ونذر منها ما لا ينفعنا، خاصة عندما تمسّ عاداتنا وتقاليدنا، لأنها هي وجه تراثنا وتاريخنا.
-بتصرف-
المصادر: - موقع آت مزاب.
- مقالات متفرقة من الفايسبوك.
شاركنا بتعليقك