إسهامات

" ... أما الحصاد، فكذلك يتوزعون على قطعة من الزرع، يتنافسون في الحصد وهم يرددون أناشيد وأذكار تحمسهم على العمل:

اللهمّ صلِّ وسلِّم على النبيء محمد

يا حمــامــة يـربــي              سيدي يا رسول الله

احمامتين أو زوج اقمار             سيدي يا رسول الله

أنا عاقب من جبـانــة                 سيدي يا رسول الله

القيت فيها ناسْ ارقود              سيدي يا رسول الله

رقـديـن رقــد الهـنـا            سيدي يا رسول الله

ها كـذاك نــعـود أنــاي                سيدي يا رسول الله

وأمثالها من أناشيد شعبيّة تحمِّسهم فلا يشعرون بالتعب، فما أسرع ما يجد الزرع نفسه نائما مربوطا حزما ينضِّض بعضها على بعض حتى يتم فيوسد ليدرس، وعند الدرس يكون في أندر طبيعية من الأرض الصلبة، أو مصنوعة في شكل مستدير مرتفع على الأرض، ويكون التطوع أوسع، فيأتي المتطوعون بأنفسهم ودوابهم عشية يحملون الزرع من مكانه إلى الأندر، ثم يستديرون بكل عرمة تلقى لترص بالأيدي، ثم تربط الدواب شريطا من ثمانية أو عشر دواب بحبل يصل بينها من أعناقها شريطا أو شريطين حسب كثرة الزرع ووسع الأندر إلى أن يفصل الحب عن التبن، ثم يمسك الرجال في رقاب بعضهم دائرة ملتحمة، ويدقون الزرع بأرجلهم في حماس يسمع دويه من بعيد.

وعند الدرس لابد من أذكار حيث يستذرون بطرف الأندر يفتحون ما تكدس تحت أرجل الدواب بأرجلهم لينعم درسه وهم يذكرون: " صلى عليك يا محمد، صلى على النبيء المختار، لا تاخدش امرأة تكون رديلة، لا تركب هيّا وازمان عليك، لا تسكن في برج إكون عالي حتى تعرف واش سب اعلاه، لا تسكن في برج إكون خالي حتى تعرف واش سب اخلاه ". وبين كل مقطع يردد الجميع المقطع الأول: "صلى الله عليك"..الخ.

هكذا يتواصل العمل ثم يستديرون حول الأندر بعد درسه ويغطونه بأقمشة واسعة، ويرفع كل اثنين منهم أيديهما متشابكة بالزرع يذرونه للريح ليرمي التبن بعيدا ويبقى الحب، ثم يغربل ويملأ في أكياس بمكيال "الحتية" لإخراج الزكاة، وقد لا يتم فيصبحونه ولا يصعب عليهم ذلك إذ الكل ينتظر دوره في نظام يتفقون عليه.

وطعامهم عند الغذاء تمر وخبز الطاجين مغموس في خليط من السمن واللبن، والعشاء طعام عادي تجتمع النساء على طبخه كالعرس..."

المصدر: كتاب بحوث ومحاضرات في الدّين والحياة، الاقتصاد في وادي ميزاب، للشهيد بالحاج بن عدون قشار. ص: 239-240-241.

شاركنا بتعليقك