إسهامات

كيف يرى الطفل المدرسة في يومه الأول فيها؟ وما هي الصعوبات التي تواجه الأطفال في أول يوم دراسي؟ ما هي الآثار الناجمة عن عدم تأقلم الطفل مع مدرسته؟ وما هي الطرق الأنسب التي تساعد الطفل في التكيف مع مجتمع المدرسة الجديد؟

نظرة الطفل إلى المدرسة في يومه الأول:

المدرسة كمؤسسة تربوية وتعليمية هادفة ومنظمة تمثل بالنسبة للطفل عالماً مختلفاً سوف يقضي فيه أهم مراحل حياته، ونظرة الطفل لهذه المدرسة في يومه الأول قد لا تخلو من الخوف منها واستغراب كل ما فيها من أشخاص وقوانين ونظم جديدة تُقيد حرية حركته وتقنن وتحدد سلوكه، فبعد أن كان الطفل بين أحضان والديه يتّكل عليهما ويشعر بالأمان في وجودهما ويحصل على ما يريده منهما، فاليوم قد دخل عالماً جديداً أكثر صرامة في التعامل معه وأقل مسايرةً لرغباته وحاجاته، فالطفل في يومه الأول يلقي نظرةً عامة نحو كل ما هو موجود في المدرسة؛ فهناك معلمون غرباء معنيون بتطبيق نظام المدرسة عليه وهناك أيضاً أطفال آخرون قد يكونون من عمره أو أكبر منه وقد يفرضون عليه بعض رغباتهم، هذا بالإضافة لكون والديه بعيدين عنه، وهنا فالمدرسة تمثل تغرّباً وانتقالاً إلى واقع جديد أقسى في ظروفه وأكثر مسؤوليةً في متطلباته.

الصعوبات والمشاكل والمخاوف التي تواجه الطفل في أول يوم دراسي:

قد لا يتوقف الأمر على الاستغراب الذي يشعر به الطفل خلال يومه الأول في المدرسة من الأشخاص الغرباء المتمثلين بالمعلمين أو التلاميذ الموجودين في المدرسة، والذين يقابلهم الطفل للمرة الأولى، بل يوجد صعوبات ومشاكل حقيقية وعلى مستويات عدة تمثل مخاوف وهواجس يشعر بها الطفل فعلاً ولها آثار بالغة على تكيفه مع مجتمع المدرسة الجديد، ومن هذه الصعوبات:

- الاستيقاظ والنوم في مواعيد محددة: فبعد أن كان وقته ويومه ملكه يفعل به ما يحلو له، أصبح اليوم ملزماً في اتباع نظام محدد في نومه واستيقاظ.

- الجوع: بعض الأطفال يشعرون بالجوع في المدرسة بسبب الوقت الطويل ونظام المدرسة الذي يفرض مواعيد محددة لتناول الطعام خلال الاستراحات.

- الرغبة في قضاء الحاجة: بهذا العمر قد لا يكون بعض الأطفال قد تعلم تأجيل حاجاته المحرجة كالخروج إلى الحمام، وقد يخجل هؤلاء الأطفال من طلب قضاء حاجاتهم من المعلمين أو المشرفين عليهم.

- الشعور بفرق الاهتمام والمعاملة بين المنزل والمدرسة: فبعد أن كان محاطاً بمحبة وتقبل الجميع في المنزل والاهتمام به وبشؤونه، لم يعد الآن يلقى الاهتمام نفسه في مجتمع المدرسة، فالكل منصرف إلى شؤونه واهتماماته ومهامه.

- طبيعة المعلمين النفسية والجسدية: في بعض الأحيان قد لا يتمكن الطفل من تقبل أحد مدرسيه فيمكن أن يخاف أو يخجل منه أو لا يحبه، وهذا سوف يشكل صعوبة أمام تأقلمه مع المدرسة.

- البعد عن الوالدين والأخوة والشعور بالغربة: من أكثر ما يخيف الطفل في المدرسة ويحزنه هو بعده عن ذويه وأخوته أو أصدقائه وعدم اعتياده بسهولة على هذا البعد.

- التنمر والاعتداء من قبل الزملاء الأقوى أو الأكبر سناً، فقد يجد الطفل في يومه الدراسي الأول بعض التلاميذ الذين لديهم ميول عدوانية وسلوكيات سيئة يحاولون إزعاجه وإخافته وربما الاعتداء عليه.

- صعوبات متعلقة بالمدرسة نفسها: من حيث بنائها وخدماتها وازدحامها، أو معلميها وإدارتها وهذه الأسباب قد تفرز صعوبات في تأقلم الأطفال مع أجوائها.

الآثار الناجمة عن عدم تكيف الطفل مع المدرسة:

ما يعاني منه الطفل من مخاوف ومشاكل في يومه الأول في المدرسة له آثار عديدة قد تصل في حدودها إلى ما هو أبعد من عدم الاندماج مع مجتمع المدرسة والخوف منها وعدم تقبلها، فقد يصل الأمر إلى حد التسبب في تأخره الدراسي والتراجع في تحصيله العلمي أو التأثير على شخصيته وحالته النفسية والاجتماعية ويمكن أن نذكر بعض من هذه الآثار كما يلي:

- تأخر المستوى التعليمي والدراسي: وهي من الآثار الأكثر وضوحاً لعدم تقبل الطفل للمدرسة وأنظمتها، فالطفل شديد الحساسية عندما يكره شيء من الطبيعي أن يفشل فيه وينفر منه، وهذا يؤدي لتأخره الدراسي وتراجع مستواه التعليمي.

- تراجع القدرة على التوافق اجتماعياً: حيث أن فشل الطفل في التكيف مع أجواء المدرسة ومجتمعها، سوف ينعكس بطبيعة الحال على توافقه الاجتماعي عموماً وقدرته على بناء العلاقات المرضية والتوافق مع الآخرين.

- الشعور بالنقص وضعف الشخصية: فعندما لا يتمكن الطفل من التكيف مع المدرسة وتقبل مجتمعها ويفشل في بناء علاقات صداقة فيها ويتراجع في مستواه التعليمي، كل هذا سوف يشعره أنه أقل من الآخرين ومختلف عنهم وغير مقبول بينهم وبالتالي سيؤدي هذا إلى ضعف في شخصيته وتشكل شعوراً بالنقص لديه.

- الخجل وعدم الثقة بالنفس والعزلة: فالمدرسة لا تشبه المنزل من حيث أن الجميع مهتم بالتواصل مع الطفل وتحفيزه دائماً على المشاركة في الحياة المدرسية، وإذا لم يتمكن الطفل من إيجاد موقع وتأثير له بين زملائه في المدرسة، فسوف ينعزل ويشعر بالوحدة وبالتالي يخجل من التعامل مع الآخرين والتعبير عن رغباته وتضعف ثقته بنفسه.

كيف يمكن مساعدة الطفل في يومه الدراسي الأول:

كون الأيام الأولى في المدرسة تعد من أهم الاختبارات التي يمر فيها الطفل ولها أثر بالغ على باقي مراحله الدراسية والتعليمية أو توافقه النفسي والاجتماعي، فإن الكثير من الأهل يتساءلون ويبحثون عن الطرق الأفضل والخطوات الأنجح والتي يمكنهم من خلال اتباعها مساعدة طفلهم على النجاح في تجاوز هذه المرحلة وصعوباتها ومشاكلها، ويمكن ذكر بعض هذه الخطوات وتوزيع المسؤوليات على كل من المعنين كما يلي:

دور الأهل في دعم الطفل خلال أيامه الأولى في المدرسة

- متابعة الطفل بشكل مستمر مع إدارة مدرسته ومعلميه: حتى لا يشعر بالغربة، فحين يجد الطفل أن والديه لم يتركاه وحيداً ويراهما يتابعان شؤونه ويوصيان معلميه به... سوف يشعر بالراحة والاطمئنان.

- تعليم الطفل مهارات التواصل والاندماج الاجتماعي: وذلك قبل دخوله المدرسة وتهيئته نفسياً لهذه المرحلة، عبر إدخاله في نشاطات وبرامج تعوّده مبكراً على الابتعاد عن ذويه وتكوين علاقات ناجحة مع الأقران.

- تشجيع الطفل على الثقة بنفسه وعدم الخجل من طلب حاجاته، حتى لا يجد صعوبة في تلبية حاجاته وبالتالي شعوره بالضيق والتعب.
- تعويد الطفل على النوم والاستيقاظ باكراً: وفي مواعيد محددة حتى لا يختل نظامه ويصبح مجبور على اتباع نظام محدد بشكل مفاجئ.

واجبات ودور المعلم في تشجيع الطفل في أيامه الأولى في المدرسة

- يجب أن يراعي المعلم الطريقة التي ينظر إليه الأطفال من خلالها: من حيث الشكل أو الطبيعة النفسية أو مدى الاهتمام.

- من الجيد أن تتصف معاملة المعلم للتلاميذ بالمحبة والمودة: دون الخروج عن قيم الالتزام والانضباط، حتى لا يخاف الطفل من معلمه من جهة وينفر منه، ولا يفقد المعلم احترامه وهيبته من جهة أخرى وبالتالي يفشل في أداء مهمته التعليمية.

- ومن الضروري أن يعمل المعلم على إدماج كل الأطفال في الصف بكافة مراحل ومهام العملية التعليمة حتى لا يبقى أي من الأطفال منعزلاً وبعيداً عن أجواء المدرسة.

_بتصرف_

المصدر: موقع hellooha

شاركنا بتعليقك