إسهامات

1. الفريق هو مجموعة من الأشخاص الذين يخضعون لنظام واحد، ويسعون إلى تحقيق أهداف مشتركة.

2. لدينا العديد من النصوص الكريمة التي تحث المسلمين على أن يعملوا مع بعضهم، ويتعاونوا على الخير، وما ذلك إلا لأن عمل الفريق يكون في الغالب أعظم إنتاجية من إنتاجية مجموع أفراده لو عملوا متفرقين، كما أن الإنسان يعمل بحماسة أكبر حين يكون مع جماعة منسجمة، ثم إن الاجتهاد الجماعي كثيراً ما يكون أقرب إلى التسديد من الاجتهاد الفردي، فالعمل مع فريق يساعد على إثراء النقاش وتنقيح الأفكار وتحسين درجة الوعي وترشيد المحاكمة العقلية.. ولا يصح أن ننسى أن الأعمال الجماعية والمؤسسية تظل قابلة للتجديد والاستمرار أكثر بكثير من الأعمال الفردية، لكن كثيرا من الناس ينفرون من العمل الجماعي بسبب ما يتطلب تنظيمه من وقت وجهد، وبسبب القيود التي يشعر بها من يعمل ضمن فريق، كما أن بعض الناس يجنحون إلى العمل الفردي بسبب التجارب الفاشلة التي مروا بها أثناء العمل مع فريق أو جماعة، ولا بد من القول: إن علينا أن نتجاوز كل ذلك لأن المصالح والفوائد التي تترتب على العمل ضمن فريق وفيرة للغاية.

3. العمل الجماعي إذا لم يكن منظماً على نحو جيّد، فقد يتحول من محفز للفرد على العطاء إلى معوق؛ إذ ينشر روح الاتكالية بين أعضائه، ومن هنا فإنه لا بد للعمل ضمن فريق حتى يكون مثمراً على نحو جيّد من أن تتوفر فيه الصفات الآتية:

أ. أن تكون رسالته وأهدافه واضحة؛ فهو يعرف ما يريد، ويعرف القيم التي تحكمه في أداء عمله، كما يعرف المدة الزمنية والإمكانات المطلوبة لبلوغ تلك الأهداف.

ب. يحاول كل فرد من أفراده أن يتعرّف على الخلفية الثقافية والاجتماعية لكل واحد من زملائه، وهذا مهم جدا في مسألة التعاون وتحديد الوجهة، ومهم في تنظيم ردود الأفعال، وهو مهم أكثر من كل ذلك للتعاضد والتفاهم في أوقات الشدة.

ج. العمل بإبداع؛ صفة مهمة من صفات فريق العمل الجيّد، فنحن في زمان يحتاج أكثر ما يحتاج إلى القيادة والإبداع والانفتاح الذهني، وإن إطلاع فريق العمل الخيري أو التطوعي على تجارب الآخرين سوف يمكنه من أن يأتي بشيء لم يسبق إليه.

د. التركيز على النتائج أكثر من التركيز على الإجراءات والتنظيمات؛ لأن النتائج هي الثمرة المرجوة، وقد لاحظنا أن كثيرا من فرق العمل التطوعي لا تحب أن تتوقف عند نتائج أعمالها، وترُكز عوضاً عن ذلك على أمور كثيرة ذات طابع إعلامي دعائي، وهذا يشكل في الحقيقة نوعاً من الهروب إلى الأمام!

ه. مسؤوليات أعضائه وأدوارهم واضحة جداً؛ وذلك لأن عدم وضوح هذه الأمور قد ينشر روح الاتكالية لدى الفريق؛ إذ ينتظر بعض أعضائه من البعض الآخر المبادرة، ويفعل الباقي مثلهم، والنتيجة هي العطالة وضعف الإنتاجية.

و. الفريق الجيّد يحاول تحسين بيئة العمل التي يتحرك فيها؛ لأن الارتقاء بالبيئة من الأمور المهمة جدّاً، حيث ثبت أن نحواً من 60% من نجاح الأفراد والمجموعات مدين للبيئة الجيّدة التي يعملون فيها، وتشمل البيئة المكان والأدوات المستخدمة والنظم السارية والروح والعلاقات السائدة بين أعضاء الفريق...

ز. لا يخلو العمل ضمن فريق واحتكاك أعضائه ببعضهم من إثارة بعض التوترات؛ ولهذا فإن الفريق الجيّد ليس الذي لا يعاني من بعض المشكلات، وإنما الذي يعمل على حل مشكلاته بنفسه دون رفعها إلى الجهات العليا، ودون تركها تتفاعل، وتتضخم.

ح. من أهم الصفات المطلوبة في فريق العمل الناجح أن يقوم بتقويم نفسه بنفسه من خلال معايير واضحة، فالأنشطة التطوعية وغير التطوعية يمكن أن تفقد الكثير من جدواها وفاعليتها إذا لم تتعرض لتقويم موضوعي بشكل دوري، وأفضل من يمكن أن يقوم بذلك هم أعضاء الفريق نفسه.

ط. لا بد للفريق من أن يحاول حماية نفسه من الأمراض التي تعتري فرق العمل عادة، ومن أهم تلك الأمراض الآتي:

  • التواصل المتحفظ بسبب الخوف من انتقال ما يدور خلال ذلك التواصل إلى الجهات العليا أو جهات منافسة.
  • العلاقات القائمة على الشكوك وبث الشائعات بطريقة: ربما كان هناك من يقول... ويمكن أن يحدث كذا... ويحتمل حدوث مؤاخذة على كذا وكذا... إن هذه الأساليب في التعبير والتواصل تمنع من تلاحم الفريق مع بعضه، وتتيح مجالا دائما للشكوك المتبادلة.
  • انخفاض الحماسة للعمل، وبرودة النقاش والانزعاج من تعدد الآراء، من الأمور التي تشل الفاعلية، وتحرم الفريق من التمتع بما يقوم بإنجازه، ولا بد من معرفة أسباب ذلك حين يحدث، ومعالجتها بالسرعة الممكنة.
  • التحفظ على تبادل المعلومات، حيث إن تبادلها حيويّ جدّاً لاتخاذ القرارات الصحيحة، وللأداء المتميّز، ويحدث التحفظ حين تنخفض درجة الثقة بين أعضاء الفريق، وحين تكون المنافسة بينهم سلبية أو غير شريفة.
  • في بعض فرق العمل الكثير من الاجتماعات والقليل من النتائج، وذلك بسبب عدم التحضير الجيّد للاجتماعات وعدم وضوح الأهداف المرجوة من وراء انعقادها؛ ولهذا فإن فريق العمل الجيّد يدرك القدر المثمر من الاجتماعات، ويعمل وفق ذلك الإدراك.

-بتصرف-

المصدر: كتاب العمل الخيري، د. عبد الكريم بكار، صفحة 15-19.

شاركنا بتعليقك