إسهامات

تعد ظاهرة العناد عند الطفل وعصبيته ظاهرة طبيعية في حدودها المعقولة، وعدم وجودها أو بروزها كثيرا يعتبر مؤشرا خطرا بنمو الجوانب العقلية والنفسية في حياة الطفل، كما أن ارتفاعها قد يؤدي بالطفل إلى اضطرابات انفعالية ونفسية، بل وعدم تأقلم الطفل مع مجتمعه، خاصة إذا تعدت السن المحدد لها علميا، إذ يظهر العناد عند الطفل من عمر السنتين، ويبدأ بالتلاشي عند سن الخامسة إذا أحسن الأبوان التعامل معه وتصرفا بالشكل المناسب.

ومن الجدير بالذكر إن العناد ليس كله سلبي وإنما فيه جانب إيجابي، وكأن الطفل بعناده يرسل رسالة لمن معه مفادها أنه بدأ يشعر بنفسه -طبعا بقدر معقول- وصار يتكلم وينتقل من مكان إلى آخر، وهو يريد بذلك أن يستقل عمن حوله، ويقلل من درجة اعتماده عليهم، إنه يريد من الآخرين أن ينظروا إليه شيئا فشيئا على أنه شخص معتبر، ويستحق احترام رأيه واختياره، ومن جانب آخر فالطفل المعاند ليس من السهل إدراجه من قبل الغرباء.

كيفية التعامل مع عناد الطفل وعصبيته:

دعونا نتفق على أن البيئة التربوية الجيدة تساعد الأطفال على أن يحيوا حياة سوية وطيبة، والعكس في ذلك خطير يؤدي إلى ظهور المشكلات النفسية والسلوكية، لذا من المهم ان نشير إلى بعض المور التي تشكل بيئة إيجابية، منها:

المعاملة بالمثل: حين نستجيب لطلبات الطفل باعتدال ومعقولية؛ فإننا نجعله يشعر في أعماقه للامتنان، وكثيرا ما يتمثل شكره لاستجابتنا لطلباته بالاستجابة لطلباتنا.

التواصل المستمر: يحتاج الطفل إلى الشعور بعطفنا وحبنا واهتمامنا بهم، وتخصيص يوميا (10 دقائق) للحديث معه والسؤال عليه مهم جدا في تقليل رفضه لما يُطلب منه.

خطاب لطيف: يُعد الخطاب مع الطفل بكل وضوح وحزم ومع اللطف من بين الأمور التي لا تثير روح العناد والعصبية والغضب والمقاومة لدى الطفل.

لا للحشر في الزاوية: كثيرا ما ينشأ عناد الطفل وعصبيته من حصرنا له في الزاوية الضيقة، وذلك حين نطلب منه تنفيذ أمر من الأمور بسرعة وبلهجة صارمة ودون أن نترك له خيار أو أي بديل ودون ان نستشيره فيه، وهذا النوع من الخطاب ينطوي على الإهانة للطفل، ومن ثم فإن الرفض والعناد يكون أمرا متوقعا، والأسلوب الجيد هو ما كانت تتبعه إحدى الأمهات حين تقول لابنها: بقي لذهابك إلى النوم عشر دقائق، وحين كانت تقول له: أحب أن تأتيني بكذا وكذا من البقالة الآن أو بعد العصر! وحين كانت تقول له: إذا تضايقت من طلب من طلباتي، فأرجو أن تعبر عن ذلك بصوت مسموع.

فضيلة التعليل: إن استخدام التعليل وشرح أسباب ما نطلبه يسهل على الطفل الاستجابة لنا حين نطلب منه شيئا، أو ننهاه عن فعل شيء.

التجاهل: نعني بالتجاهل أن نغض الطرف عن الموقف المعاند أو المغضب للطفل، وكأن شيئا لم يكن، فالطفل يرفض القيام ببعض الأعمال من أجل إثبات ذاته أو لفت الأنظار إليه، وحين نتجاهله نجهض عناده ونحرمه من استثماره، فحين يرفض الطفل مثلا أكل طعام معين؛ ويترك المائدة ويتمدد على الأرض، وحين يشعر أنه لا أحد طلب منه العودة إلى المائدة وان الطعام أشرف على النفاد يعود إلى المائدة ويبدأ بالأكل.

المكافأة: وذلك بمكافأة الطفل على السلوك الإيجابي (معنويا أو ماديا).

العقاب: ليس بالضرورة الضرب، وإنما حرمانه من شيء يحبه قد يكون ذلك عقابا لعناده أو عصبيته، فإذا كانت المكافأة تجعل الطفل يشعر بفوائد الطاعة، فإن العقاب يجعله يشعر بأضرار العناد والغضب.

-بتصرف-

المصادر:

    - كتاب مشكلات الأطفال، عبد الكريم بكار، ص 91-104.

    - كتيب: ظاهرة العناد عند الطفل، خميس بن راشد العدوي، مكتبة الجيل الواعد، 2002م.

شاركنا بتعليقك