إسهامات

 المكمن العملي الاقتصادي:

العمل وعمارة الأرض بشتى أفعال الخير والمسارعة إليها والتسابق فيها هي خصلة جلية في الفرد المزابي، فهو متفرغ في صباه وريعان شبابه لتلقي نصيبه من التعليم الرسمي والقرآني، ثم ليلتحق بعد ذلك بعمله الذي سخر له تجارة أو فلاحة أو حرفا أو وظائف. تجد الفرد منقطعا إلى عمله منهمكا فيه متفانيا في أدائه يعطيه جل وقته وجهده. وفي المقابل تجده يمقت الفراغ وتضييع الأوقات جلوسا على طاولات المقاهي أو على أرصفة الشوارع.

لم يأت هذا الأمر كذلك من فراغ، بل هو تراكم جهود الآباء والأجداد الذين غرسوا بذرة حب العمل وقيمته في الأبناء جيلا عن جيل، واقتنعوا أن الدنيا لا تُنال بالتمني وإنما تؤخذ غلابا، وأن النجاح ضريبته التعب والجد والكد.

لعل البيئة الصحراوية الشحيحة الموارد القاسية المناخ، قد ساعدت على تشكل هذا الأمر في الشخصية الميزابية، فعلى الفرد أن يعمل كثيرا لأجل تحصيل القوت الحلال من عرق جبينه. كما أن الفرد الميزابي تعود على الاعتماد على النفس، ونبذ الاتكالية، وانتظار المساعدة من الغير ومن جهات أخرى لتمن عليه بنعمها وخيراتها، فهو يسعى لتحصيل قوته بكد يمينه.

كما أنه معروف بالتقشف في مظاهر حياته عموما، فهو يحسن التصرف في أمواله جمعا وإنفاقا واستثمارا، كما يحسن ترتيب أولوياته في الحياة، ويحسن فرز ضرورياته من كمالياته، لذا تجده أبعد الناس عن مظاهر الإسراف والتبذير، كما أنه يحمل فكر الادخار لمستقبل أيامه، ويفكر في نفسه كما يفكر في والديه وأسرته وأبنائه.

المصدر: مقال بعنوان "مكامن القوة الناعمة في المجتمع الميزابي" بقلم: د. قاسم بن أحمد الشيخ بالحاج

شاركنا بتعليقك