إسهامات

يُطلقُ لفظُ المهارة في اللغةِ العربيةِ ويرادُ به الماهِر، وهو الحاذِق، كما ورد في الحديث الشَّريف قولُ الرَّسول - عليه الصلاة والسلام : ((مَثَلُ الماهِر بِالْقُرْآنِ مَثَل السَّفَرَة)).

وعُرِّفت  "المهاراتُ الحياتية" في القاموس التربوي بأنَّها: "القدرة على أداءِ وظيفةٍ معينة، أو تحقيق هدفٍ معين، وعرفت أيضا بأنَّها أداءٌ تكون على أشكالٍ (لفظية، عقلية، حسية، اجتماعية)، وهذه المهارةُ تحتاجُ إلى وقتٍ وجَهدٍ وتدريب مقصود، وقَبْلَ أنْ نخوضَ في مفهوم المهارات الحياتية كمصطلحٍ تربوي، يمكن استنتاجُ أنَّ المهارة سلوكٌ يُشترطُ له شرطان جوهريان:

 أولهما:  أنْ يكون موجَّهًا نحو إحرازِ هدفٍ أو غرضٍ معين، وثانيهما:أنْ يكون منظمًا بحيث يؤدِّي إلى إحرازِ الهدف في أقصر وقت ممكن، وقد اشتملتْ تعريفاتُ المهارة بشكلٍ عام على ثلاثةِ عناصر أساسية لأيِّ مهارةٍ، هي: الجهد، والوقت، والإتقان، كما يسبق القيام بأيِّ مهارةٍ من المهارات قوة الاتِّجاه وضعفه نحو المهارة المقصودة.

 فالمتتبعُ للحرفيِّين على سبيلِ المثال يجدُ أنَّهم ينقسِمُون إلى قسمين: الأولالحرفي الذي يميلُ إلى حرفةٍ معينة من الحِرَف؛ نجدُه مبدعًا فيها، حتى لو لم يخضعْ لأيِّ دراسةٍ، أو تدريبٍ نظري أكاديمي، والثانيذلك الحرفي الذي يتعلَّم الحرفةَ عن طريق الدِّراسةِ، والدوراتِ الأكاديمية النظرية، والتدريبِ المستمر، فهذا يكونُ أقلَّ كفاءةٍ من الأول وأقلَّ إتقانًا، وأكثر استهلاكًا للوقت، مع أنَّه أكثرُ مثاليةً في ما يلزم لتلك الحرفةِ التي يؤدِّيها من وسائلَ وتجهيزات، والتزامٍ بوسائل السَّلامة، مما ينعكسُ على الإنتاج، وما ذلك إلا لأنَّ تنفيذَ هذه المهارة نابعٌ من اتجاه إيجابي نحو المهارةِ المقصودة، ومع ذلك لا يُمكنُ أنْ ننفي كَوْنَ المهارةِ تتَّصِفُ بأنها تُكتَسَبُ من خلال التدريب والتَّكْرار، حتى مع ضعف الاتجاه والميول.

ومن جهةٍ أخرى، فإنَّ المهارةَ ليست مقتصرةً على العمل المؤدَّى بشكلٍ مهني فقط، بل إنَّها تشمل أيضًا الكفاءةَ التي يمتلكها أيُّ شخصٍ في أيِّ مجال، سواء كانت كفاءةً عقلية، أو بدنية، أو اجتماعية، فعلى سبيل المثال نجدُ أنَّ بعضَ الأشخاص يتميَّزُ عن غيرِه بمهاراتِ القيادة، والآخر بمهاراتِ التفكير، وثالثٌ بمهاراتِ العلاقات الحسنة مع الآخرين، بينما تقل فيمَن عداهم نسبة التقدير.

"المهارات الحياتية" كمفهومٍ واحدٍ، له عددٌ من الخصائص نذكرُ منها باختصار:

1- أنَّها متنوِّعة، وتشملُ جميعَ الجوانب المادية كالمهاراتِ الأدائية، وغير المادية كمهاراتِ التفاعل في مواقفِ الحياة.

2- اختلافها من مجتمعٍ لآخر، تبعًا لاختلافِ المجتمعاتِ والاحتياجات.

3- تعتمدُ على طبيعةِ العلاقة التبادُلية بين الفردِ والمجتمع، والفردِ ودرجةِ تأثيرِ كلٍّ منهما على الآخر.

4- أنها تستهدف تفاعلَ الفردِ التفاعلَ النَّاضج مع الحياةِ، وتطوير أساليبِ معايشة الحياة.

5- أنها إنمائية تجمعُ بين المعرفةِ والفعلِ بقدرِ الكفاءة.

6- تحتاج إلى التَّدريب والمِران المتكرِّر، حتى تكونَ أقرب إلى العادة.

7-أنَّ اكتسابَها في سنٍّ مبكرة أفضلُ؛ لأنَّ ذلك يساعِدُ على تمكُّن المتعلمِ من المهارة.

8-تختلفُ باختلافِ سنِّ المتعلِّم، فمهارات الصَّغير تختلفُ عن الكبير، وتعليمُ المهارة لسنِّ الابتدائية ليستْ نفسَ الأساليبِ التي يُدَرَّبُ عليها طالبُ الجامعة.

9- لا يرتبط اكتسابُها بشهادةٍ معينة، أو مستوًى تعليميٍّ محدد.

ومن تلك الخصائص يُلحظ أنَّ "المهارات الحياتية" مجالٌ واسع وشامل، يمكنُ أنْ يستهدفَ كافَّةَ الفئاتِ العمرية والمراحل التعليمية، كما أنَّها مطلقةُ المجال والمستوى، فليستْ خاصةً بمستوى تعليمي محدَّد، أو بمجال معينٍ من المهارات، وكذلك نراها متحرِّكةً تخضعُ لحاجياتِ ومتطلباتِ الفئة المستَهْدَفة، والكفاءةِ المطلوبة، فكان من الواجبِ على المؤسَّسات التعليمية في عالمنا العربي اليومَ أنْ تسعى بكلِّ قوة إلى تبنِّي مفهوم "المهارات الحياتيةكمجالٍ تربويٍّ حديثٍ، وتكوِّن له المشاريعَ التنموية، التي تناسبُ كافةَ المراحلِ التعليميَّة، وأن تكوِّن برامجَ نوعيةً تستهدف جميعَ وسائلِ التربية، بما يضمَنُ إعادةَ هيكلتِها؛ لتناسبَ تنميةَ المهاراتِ الحياتية، حتَّى تجمعَ كافةَ أهدافِ التربية المنشودة.

المصدر: موقع الألوكة الاجتماعية

شاركنا بتعليقك