إسهامات

نِعم الله سبحانه وتعالى كثيرة لا تعد ولا تحصى ﴿.. وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا.. إبراهيم: 34. ومن أعظم النعم: نعمة المال والرزق، هذه النعمة التي تقوم عليها وتؤدي من خلالها كثير من النعم، ولا يستغني عنها مخلوق حي حتى الطيور تبحث عن أرزاقها في غدوها ورواحها.

وهذا المال مال الله تعالى يودعه عباده، ليبتليهم أيشكرونه أم يكفرونه، قال تعالى : ﴿.. وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ.. الإسراء: 6، وقال سبحانه ﴿وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ.. العنكبوت: 60. وقال جل وعلا: ﴿.. لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ إبراهيم: 7.

  • أنواع الإنفاق المشروع وصوره:

من حقوق المال إنفاقه في الأوجه المشروعة وهي نوعان:

أ‌. واجب: كالإنفاق على النفس والولد والزوجة، وأداء الزكاة المفروضة ونحو ذلك.

ب‌. مستحب: كصدقة التطوع، والإنفاق في أوجه البر المتنوعة كالنفقة على اليتامى والأرامل والفقراء والمساكين، كالهبات والهدايا، والتبرع لمؤسسات البر والإغاثة ونحو ذلك.

  • من ثمرات الإنفاق المشروع:

1. دخول الجنة، يقول تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ   الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ آل عمران 133، 134.

2. الوقاية من النار، وتكفير السيئات، روى الشيخان أن النبي ﷺ قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" ويقول ﷺ: "الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار".

3. تكثير الحسنات، ومضاعفة الأجور أضعافاً مضاعفة، يقول تعالى: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ البقرة: 261.

ويقول سبحانه: ﴿.. وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ المزمل: 20.

4. في الإنفاق طهرة للمنفق، وتزكية لقلبه، وتنمية للمال وسلامة له من الآفات، يقول سبحانه وتعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا.. التوبة: 103.

  • آداب الإنفاق:

لكي يؤدي الإنفاق تلك الثمار العظيمة والفوائد الجليلة لابد وأن يكون المنفق مستحضراً آداباً مهمة فيه، وهي:

1. الإخلاص:

الإخلاص يعني تجريد العبودية لله تعالى لا يشوبها شائبة رياء أو سمعة أو غيرهما، فإذا أنفق على نفسه وأسرته ينفق شاكراً لله تعالى على ما أعطاه من هذه المال، حامداً له على هذه النعمة، وإذا أنفق على الفقراء والمساكين، أو مشاريع الخير وأعمال البر يريد الأجر والثواب من هذه الإنفاق، يقول الرسول ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".

فمن انفق يبتغي الأجر فله ذلك، ومن أنفق رياء أو سمعة أخذ حظه من ثناء الناس في الدنيا، وليس له حظ في الآخرة.

2. عدم المن والأذى:

المن هو: التحدث بما أعطي حتى يبلغ ذلك المعطي فيؤذيه.

والأذى هو: السب والتطاول والتشكي.

وعدم المن والأذى هو الأدب الثاني الذي يتفق مع ما فطر الله تعالى النفس الإنسانية عليه من الكرامة والعزة، فتلك النفس تأبى أن يكون هذا العطاء مقروناً بمن أو أذى، إذا أن هذا المن يخدش كرامة النفوس الكريمة ويجرح مشاعرها، ويستذلها بمنته، ويشعرها بالصغار والهوان.

من هنا جعل الله سبحانه الصدقات المقرونة بالمن والأذى باطلة غير مقبولة، يقول الله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ البقرة: 264.

3. الإنفاق من المال الطيب:

لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، فقد أمر سبحانه بالإنفاق من الطيب المحبوب للنفس، فأحب لأخيك ما تحب لنفسك، يقول تعالى آمراً بالإنفاق من الطيبات ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ البقرة: 267.

والبر والأجر إنما ينال بالإنفاق من المال الطيب المحبوب، يقول الله تعالى: ﴿لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ.. آل عمران: 92.

4. الاعتدال في الإنفاق:

لأن المال أمانة عند صاحبه، فهو مال الله تعالى، رزقه هذا الإنسان، ليتعامل به وفق منهج الله تعالى، فلا يتعالى فيه فيبذر ويسرف ويتجاوز القصد والاعتدال، ولا يقتر فيشح ويبخل ويمسك، قال تعالى مادحاً المؤمنين الذين يسلكون هذا المنهج: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا الفرقان: 67.

-بتصرف-

المصدر: موقع صيد الفوائد

شاركنا بتعليقك