إسهامات

"أحب ولدي هذا أكثر".. عبارة قد لا نرى ما خلفها حين نسمعها تخرج ببساطة من أفواه من حولنا، معبرين عن إحساسهم تجاه أحد الأبناء، ناسين تأثير ذلك على الطرف المعني بهذه المشاعر والأحاسيس، حتى نحن تقريباً لا نكاد نلتفت إلى تأثير هذا الكلام، وما يصاحبه من ردود فعل، ومع كل هذا قد لا يشعر الوالدان بمقدار الجريمة التي يرتكبانها، والمستقبل الذي يتدخلان في خطوطه، عبر تغيير شخصية أبنائهما، وتكوينهم النفسي، من خلال تأثرهما بمشاعرهم وطرق التعبير عنها، غافلين عن أنّ العدل والمساواة هما سبب نشأة الأبناء بشكل سليم، اجتماعياً ونفسياً، وهي من أسباب قوة الأسرة والمجتمع.

ولنا في قصة سيدنا يوسف -عليه السلام- درس أسري قيّم، حيث ظن إخوة يوسف أنّ أباهم يفضله وأخاه الشقيق عليهم، ويؤثرهما في المحبة، فاتفقوا أن يقتلوا يوسف، أو يلقوا به في أرض مجهولة بعيداً عن أبيه؛ ليستريحوا منه، ويبقى لهم حب أبيهم وتفضيله، وخلاصة القصة ما نراه في تلك الآيات الكريمة، وعلينا أن نتعلم نحن الآباء أن لا نظهر الحب أو الإيثار لأحد الأبناء على حساب الآخرين.

وتعدّ التفرقة بين الأبناء من الأسباب التي تؤدي إلى عقوق الوالدين، وتولد الحقد والأنانية والكراهية في الأسرة، ومن ثم ينعكس ذلك على المجتمع، حيث يحمل أبناء المجتمع سلوكيات منحرفة، قد تؤدي بهم إلى الانطوائية، وهذا لا يتماشى مع أخلاق المجتمع، وإن كان الإنسان في بعض الأحيان يميل إلى ابن بدرجة أكبر من الآخر، ولكن يجب أن لا يظهر هذا الميل، إذ لابد من العدل بين الأبناء في المعاملة.

ويولد التمييز بين شخصين الحقد والكراهية، سواء داخل البيت أو في المدرسة، فغالباً ما نجد مشاعر الغيرة بين الطلبة نتيجة تفضيل المدرسين في كثير من الأحيان بعض الطلبة المتفوقين، ولهذا الأسلوب أضراره على الفرد والأسرة، ومن المهم أن يحرص الآباء على تربية الأبناء على أساس العدل دون التفرقة بينهم، حتى لا يشعر أحدهم بالغيرة تجاه الآخر، ولكن في بعض الأحيان يكون الاهتمام بالطفل بصورة أكبر من المراهق أو الشاب، كما أنّ للابن المريض عناية خاصة، وهو سلوك طبيعي جداً نتيجة وضعه الصحي.

ويقول أحد الباحثين في مجال الصحة النفسية أنّ التفرقة بين الأبناء من الأساليب التربوية الخاطئة، التي تكون لها آثار وعواقب خطيرة على نفسية الأبناء، منها: الحقد، والغيرة، والأنانية، وتولد أيضاً الكراهية بينهم، وينتج عنها أبناء غير أسوياء، فيما تكون الصحة النفسية للأطفال بالمساواة بينهم، بصرف النظر عن الجنس‏ أو السن‏، حيث إنّ التفرقة ينتج عنها شخصية حقودة.

وأضاف أنّ التفرقة بين الأبناء من المبادئ المرفوضة تربوياً، والتي يقع فيها الوالدان ويكون لها العديد من السلبيات؛ مما يترتب عليها من تكوين شخصيات مملوءة بالغيرة، فضلاً عما يتكون لدى الشخص المميز في الأسرة والذي يحظى بالقسط الوفير من الاهتمام والامتيازات من أنانية، ورغبة في الحصول على ما في يد الآخرين، وكثرة الطلبات التي لا تنتهي مع عدم الاكتراث بالآخرين أو مراعاة مشاعرهم‏.

_بتصرف_

المصدر: موقع الرياض

شاركنا بتعليقك